فلسفة - الباب الثانى| الشك المذهبى والانهيار الحضارى
ارتباط الشك المذهبى بتفكك وإنهيار المجتمع
يظهر الشك المذهبى فى حالة تفكك المجتمع وإنهياره لأنه يجد الظروف الملائمة لنموه وانتشاره ولا يظهر فى حالة بناء المجتمعات لأنه لا يجد الظروف الملائمة لنموه وانتشاره.
ويكون وسيلة لهدم الحياة الأخلاقية والدينية والاجتماعية.
النتائج المترتبة على ظهور الشك المذهبى
1- تفكك المجتمع.
2- تدهور القيم والأخلاق .
3- اختفاء الفكر الإبداعى والاكتفاء بالنقل والاقتباس.
4- انتشار مشاعر اليأس واللامبالاة والافكار التشاؤمية.
الشك السوفسطائى
السوفسطائيين
ظهر الشك المذهبى فى المجتمع اليونانى القديم قبل "سقراط" على يد جماعة عرفت بأسم السوفسطائيين.
الأصل اللغوى لكلمة سوفسطائى:
1- كلمة سوفسطائى فى أصلها تعنى معلم الخطابة والبلاغة وكان هذا اللقب لقباً مشرفاً لصاحبه.
2- أصبحت كلمة سوفسطائى وصمة عار تلحق بصاحبها وخاصة على يد "سقراط" – لعدة أسباب هى:-
أ- تغيير السوفسطائين وظيفتهم الاصلية وهى التعليم والخطابة ومارسوا التلاعب بالالفاظ والمغالطات المنطقية.
ب- جعلوا الحق باطل والباطل حق.
تبرئة المتهمين أمام المحاكم رغم ثبوت التهمة عليهم.
من هم السوفسطائيين
1- جماعة من المعلمين المحترفين استخدموا التلاعب بالالفاظ كوسيلة للانتصار على الخصم.
2- استغل السوفسطائيين حاجة الشباب إلى تعلم فن الجدل والمغالطة وعلموهم ذلك مقابل أجور مالية مرتفعة.
3- كانت أراء السوفسطائيين فى الأخلاق خطرا على المجتمع اليونانى.
مبادئ الشك السوفسطائى
اعتمد الشك السوفسطائى على مبدأين وهما:-
المبدأ الأول: الحواس وسيلة المعرفة وليس العقل:-
رأى السوفسطائيين أن الحواس تختلف من فرد لآخر ومادام الأفراد مختلفين فى حواسهم تصبح المعرفة نسبية متغيرة ولا يجد الإنسان حقيقة ثابتة يمكن إتخاذها معيار للصواب أو الخطأ ومن هنا تصبح الحقائق فردية نسبية متغيرة.
المبدأ الثانى: الاعتماد على مبدأ التناقض:
استغل السوفسطائيين الحقائق قى صورها الغامضة واثبتوا صدق القضايا المتناقضة فى وقت واحد بالاعتماد على المغالطة.
أهداف الشك السوفسطائى
1- الكسب المالى نظير تبرئة المتهمين.
2- التسلية والسخرية من الأشخاص الآخرين.
3- اثبات عجز العقل البشرى عن إدراك الحقائق اليقينية.
التغلب على الخصم سواء كان على حق أو باطل.
بروتاجوراس
بروتاجوراس: أشهر الشخصيات السوفسطائية أشتهر بقدرته على الجدل والمغالطة واستخدم الشك المذهبى ليهدم به كل يقين.
وأنصب شك "بروتاجوراس" على مجالين وهما:
أولاً: الشك فى الدين .
رفض بروتاجوراس الدين المنتشر فى المجتمع اليونانى وهو من الديانات الوثنية القديمة قبل ظهور المسيحية، وألف كتاب عن الألهة سماها " الحقيقة" حيث رأى أنه لا يمكن معرفة حقيقة الألهة بسبب قصر الحياة الإنسانية وغموض هذا الموضوع وأكد ذلك بقوله "لا أستطيع أن اعلم إذا كانت الألهة موجودة أو غير موجودة وعلى أى صورة هى" ثمة أمور كثيرة تحول بينى وبين هذا العلم منها غموض الموضوع وقصر الحياة الإنسانية.
ومن هنا اتهم الكفر والالحاد وحرقوا كتبه علنا بالأسواق وفر هارباً خارج البلاد.
ثانياً: الشك فى المعرفة
1- شك بروتاجوراس فى المعرفة الإنسانية ورأى أنها ليست يقينية وقال الإنسان مقياس كل شئ فى الوجود .
2- قصد بروتاجوراس بالإنسان الفرد الواحد وليس الإنسان بالمفهوم العقلى العام.
3- الفرد الواحد هو الذى يحكم على الحقائق من خلال حواسه وعقله.
4- رأى بروتاجوراس ان الأفراد مختلفون فى حواسهم وعقولهم وبالتالى لا توجد حقيقة ثابتة يرجع إليها الجميع ويمكن اتخاذها معيار للصدق العام.
المعرفة نسبية متغيرة تختلف من شخص لآخر ومن هنا ينعدم اليقين.
تصدى سقراط للرد على السوفسطائيين
استطاع سقراط أن يوقف طوفان الشك فى المجتمع اليونانى وتصدى لأفكار السوفسطائيين الهدامة والتى أدت إلى تفكك المجتمع اليونانى وكان سقراط يجوب شوارع وأسواق أثبنا ليرد على السوفسطائيين أغاليطهم ليثبت لهم أمام الجميع أنها متناقضة عند تحليلها فى ضوء العقل السليم.
الجدل عند سقراط
استخدم سقراط نفس سلاح السوفسطائيين وهو الجدل وينقسم الجدل عند سقراط إلى جانبين وهما:-
1- التهكم: نشأ من اكتشاف سقراط جهل الناس بالحقيقة وكان سقراط يدعى الجهل بالحقيقة وعدم معرفته بها وأنه يبحث عنها مثل سائرالناس لكن الأخرين يدعون المعرفة بالحقيقة وهم جاهلون لها والدليل على ذلك أرائهم المتناقضة.
2- التوليد: هو توليد الأفكار من العقول عن طريق تحليل الالفاظ وردها إلى معانيها دون مغالطة من أجل الوصول إلى الحقيقة.
الجانب النقدى من فلسفة سقراط
1- تحلى سقراط بالروح النقدية فى فلسفته من خلال المنهج الجدلى الذى يعتمد على التهكم والتوليد.
2- كان لسقراط آراء إيجابية يمكن إستنتاجها من الانتقادات التى كان سقراط يوجهها إلى الآخرين لإخراج ما بداخلهم من علم زائف.
أوقف سقراط الخطر السوفسطائى واعتمد فى ذلك على مبدأ أساسى أن العقل الإنسانى هو وسيلة الإدراك (المعرفة) الصحيح وليس الحواس الفردية المتغيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق