نتيجة امتحانات 2011 Headline Animator

Save on your hotel - www.hotelscombined.com

sharing

الخميس، 23 أغسطس 2012

تفسير سور القرآن الكريم مبسط و أسباب النزول - الجزء السادس مع سورة الأنفال و أسباب نزول آيات سورة التوبة (براءة )


سورة الأنفال 

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى: 
 يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ  
الآية  1 

أخبرنا أبو سعد النصروي قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن محمد بن عبيد الله الثقفي،عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم "بدر" قُتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص فأخذت سيفه، وكان يسمى ذا الكيفة، فأتيت به النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "اذهب فاطرحه في القبض"، قال: فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي، فما جاوزت إلا قريبًا حتى نـزلت سورة الأنفال، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فخذ سيفك". 
وقال عكرمة عن ابن عباس: لما كان يوم بدر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فعل كذا وكذا فعله كذا وكذا"، فذهب شباب الرجال وجلس الشيوخ تحت الرايات، فلما كانت الغنيمة جاء الشباب يطلبون نفلهم، فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا فإنا كنا تحت الرايات ولو انهزمتهم لكنا لكم ردءا، فأنـزل الله تعالى: 

 يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ  فقسمها بينهما بالسوية. 
 أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو يحيى قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن ابن الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن سليمان بن موسى الأشدق، عن مكحول، عن أبي سلام الباهلي، عن أبي أمامة الباهلي، عن عبادة بن الصامت قال: لما هزم العدو يوم "بدر" واتبعتهم طائفة يقتلونهم وأحدقت طائفة برسول الله عليه الصلاة والسلام، واستولت طائفة على العسكـر والنهب، فلما نفى الله العدو، ورجع الذين طلبوهم، قالوا: لنا النفل؛ نحن طلبنا العدو وبنا نفاهم الله وهزمهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما أنتم بأحق به منا؛ نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينال العدو منه غرة فهو لنـا، وقال الذين استولوا على العسكر والنهب: والله ما أنتم بأحق منا؛ نحن أخذناه واستولينا عليه فهو لنا، فأنـزل الله تعالى: 

 يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ  
فقسمه رسول الله عليه الصلاة والسلام بالسوية. 
 قوله تعالى: 
 وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى  
الآية 17 


 قوله تعالى: 
 إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ  
الآية 19 

أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب قال: حدثني عبد الله بن ثعلبة بن صعير قال: كان المستفتح أبا جهل، وإنه قال حين التقى بالقوم: اللهم أينا كان أقطع للرحم وأتانا بما لم نعرف فأحنه الغداة، وكان ذلك استفتاحه، فأنـزل الله تعالى في ذلك: 
 إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ  
إلى قوله تعالى:
 وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ  رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن القطيعي، عن ابن حنبل، عن أبيه، عن يعقوب. 
وقال السدي والكلبي: كان المشركون حين خرجوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة أخذوا بأستار الكعبة وقالوا: اللهمّ انصر أعلى الجندين واهدى الفئتين وأكرم الحزبين وأفضل الدينين، فأنـزل الله تعالى هذه الآية. 
وقال عكرمة: قال المشركون: اللهم لا نعرف ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فافتح بيننا وبينه بالحق، فأنـزل الله تعالى:  إِنْ تَسْتَفْتِحُوا  الآية. 
قوله تعالى:
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ  
الآية  27 

نـزلت في أبي لُبابة بن عبد المنذر الأنصاري، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم بأَذْرِعات وأَرِيحا من أرض الشام، فأبى أن يعطيهم ذلك إلى أن ينـزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأبوا وقالوا: أرسل إلينا أبا لُبابة، وكان مناصحًا لهم، لأن عياله وماله وولده كانت عندهم، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاهم فقالوا: يا أبا لبابة ما ترى؟ أنَنـزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه: إنه الذبح فلا تفعلوا، قال أبو لبابة: والله ما زالت قدماي حتى علمت أني قد خنت الله ورسوله، فنـزلت فيه هذه الآية، فلما نـزلت شدّ نفسه على سارية من سواري المسجد وقال: والله لا أذوق طعامًا ولا شرابًا حتى أموت أو يتوب الله عليّ فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعامًا حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب الله عليه، فقيل له: يا أبا لبابة قد تيب عليك، فقال: لا والله لا أحلّ نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلني، فجاءه فحله بيده، ثم قال أبو لبابة: إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يجزيك الثلث أن تتصدق به". 

قوله تعالى: 
 وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ  
الآية  32 

قال أهل التفسير: نـزلت في النضر بن الحارث، وهو الذي قال: إن كان ما يقوله محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء. 
 أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن الحكم قال: حدثنا محمد بن يعقوب الشيباني قال: حدثنا أحمد بن النضر بن عبد الوهاب قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة، عن عبد الحميد صاحب الزيادي سمع أنس بن مالك يقول: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فنـزل: 

 وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ 
الآية  33  . 
رواه البخاري عن أحمد بن النضر. ورواه مسلم عن عبد الله بن معاذ. 
 قوله تعالى:
 وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ ....  
الآية 35 

أخبرنا أبو إسماعيل بن أبي عمرو النيسابوري قال: أخبرنا حمزة بن شبيب المعمري قال: أخبرنا عبيد الله بن إبراهيم بن بالوبه قال: حدثنا أبو المثنى معاذ بن المثنى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أبي قال: حدثنا قرة عن عطية، عن ابن عمر قال: كانوا يطوفون بالبيت ويصفقون، ووصف الصفق بيده، ويصفرون، ووصف صفيرهم، ويضعون خدودهم بالأرض، فنـزلت هذه الآية. 
قوله تعالى:

 إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ  الآية  36 

قال مقاتل والكلبي: نـزلت في المطعمين يوم بدر، وكانوا اثنى عشر رجلا أبو جهل بن هشام وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ونُبَيه ومُنبِّه ابنا حجاج وأبو البحتري بن هشام و النضر بن الحارث وحكيم بن حـزام و أُبيّ بن خلف و زمعة بن الأسود و الحرث بن عامر بن نوفل و العباس بن عبد المطلب، وكلهم من قريش، وكان يطعم كل واحد منهم كل يوم عشر جرائر. وقـال سعيد بن جبير وابن أبزى: نـزلت في أبي سفيان بن حرب، استأجر يوم "أُحد" ألفين من الأحابيش يقاتل بهم النبي صلى الله عليه وسلم سوى من استجاب له من العرب، وفيهم يقول كعب بن مالك: 
فجئنـا إلـى مـوج مـن البحر وسطه ***أحــابيش منهــم حاســر ومقنـع 
ثـلاثـــة آلاف ونـحــن نصيّـة ***ثــلاث مئين إنْ كثـرنـا فـأربـــع  
وقال الحكم بن عتيبة: أنقق أبو سفيان على المشركين يوم "أُحد" أربعين أوقية من الذهب، فنـزلت فيه هذه الآية. 
 وقال محمد بن إسحاق عن رجاله: لما أصيبت قريش يوم "بدر" فرجع فلهم إلى مكة ورجع أبو سفيان بعيرهم، مشى عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية في رجال من قريش أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم "ببدر"، فكلموا أبا سفيان بن حرب ومن كانت له في تلك العير تجارة، فقالوا: يا معشر قريش إن محمدًا قد وتركم وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال الذي أفلَتَ على حربه لعلنا ندرك منه ثأرًا بمن أصيب منَّا، ففعلوا، فأَنـزل الله تعالى فيهم هذه الآية. 





أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد العطار قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد البياع قال: أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني قال: حدثني جدي قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: حدثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، عن أبيه قال: أقبل أُبيّ بن خلف يوم أُحد إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يريده، فاعترض له رجال من المؤمنين، فأمرهم رسول الله عليه الصلاة والسلام فخلوا سبيله، فاستقبله مصعب بن عمير أحد بني عبد الدار، ورأى رسول الله صلى عليه وسلم تُرقُوة أُبيّ من فرجة بين سابغة البيضة والدرع، فطعنه بحربته فسقط أُبيّ عن فرسه ولم يخرج من طعنته دم، وكسر ضلعًا من أضلاعه، فأتاه أصحابه وهو يخور خوار الثور، فقالوا له: ما أعجزك؟ إنما هو خدش! فقال: والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعين، فمات أُبيّ إلى النار، فسحقًا لأصحاب السعير قبل أن يقدم مكة، فأنـزل الله تعالى ذلك: 

 وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى 
 وروى صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم "خيبر" دعا بقوس، فأتي بقوس طويلة، فقال: جيئوني بقوس غيرها، فجاءوه بقوس كبداء، فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحصن، فأَقبل السهم يهوي حتى قتل كنانة بن أبي الحقيق وهو على فراشه، فأنـزل الله تعالى: 

 وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى 
وأكثر أهل التفسير على أن الآية نـزلت في رمي النبي عليه الصلاة والسلام القبضة من حصباء الوادي يوم "بدر" حين قال للمشركين: شاهت الوجوه ورماهم بتلك القبضة، فلم يبق عين مشرك إلا دخلها منه شيء. 
 قال حكيم بن حزام: لما كان يوم "بدر" سمعنا صوتا وقع من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طست، ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الحصاة فانهزمنا، فذلك قوله تعالى: 
 وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى 




 قوله تعالى: 
 يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ 
الآية  64 

أخبرنا أبو بكر بن والحارث قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق قال: حدثنا صفوان بن المغلس قال: حدثنا إسحاق بن بشر قال: حدثنا خلف بن خليفة عن أنس بن أبي هاشم الرماني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون رجلا ثم إن عمر أسلم فصاروا أربعين، فنـزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى:

 يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ 
قوله تعالى:
 مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ 
الآية  67-69 

قال مجاهد: كان عمر بن الخطاب يرى الرأي فيوافق رأيه ما يجيء من السماء،
وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار في أسارى "بدر"، فقال المسلمون: 
بنو عمك افدهم، قال عمر: لا يا رسول الله اقتلهم، قال: فنـزلت هذه الآية: 
 مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى 
وقال ابن عمر: استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسارى أبا بكر فقال:
قومك وعشيرتك خلّ سبيلهم، واستشار عمر فقال: اقتلهم،
ففاداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله تعالى:
 مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ  إلى قوله تعالى:

 فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا  قال: فلقي النبيّ صلى الله عليه وسلم عمر فقال:
كاد أن يصيبنا في خلافك بلاء. 
 أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري قال: أخبرنا حاجب بن أحمد قال: حدثنا 
محمد بن حماد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن 
أبي عبيدة عن عبد الله قال: لما كان يوم "بدر" وجيء بالأسرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟" فقال أبو بكر: يا رسول الله قومك وأهلك استبقهم
واستأن بهم لعل الله عز وجل أن يتوب عليهم، وقال عمر: كذبوك وأخرجوك فقدمهم فاضرب
أعناقهم، وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله انظر واديًا كثير الحطب فـأدخلهم فيه،
ثم أضرم عليهم نارًا، فقال العباس: قطعت رحمك. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم 
ولم يجبهم، ثم دخل فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال ناس: 
يأخـذ بقول عبد الله، ثم خرج عليهم فقال: "إن الله عز وجل ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون 
ألين من اللبن، وإن الله عز وجل ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة،
وأن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم قال: 
 فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 

 وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال:

 إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 
 وإن مثلك يا عمر كمثل موسى، قال:
 رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ 
 وإن مثلك يا عمر كمثل نوح قال:
 رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا 
 " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم اليوم عالة أنتم اليوم عالة، 
فلا ينقلبن منهم أحد إلا بفداء أو ضرب عنق"، قال: فأنـزل الله عز وجل:
 مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ  إلى آخر الآيات الثلاث. 

 أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قـال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو نوح قراد قال: حدثنا عكرمة بن عمار قال: حدثنا سماك الحنفي أبو زميل قال: حدثني ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم "بدر" والتقوا فهزم الله المشركين وقتل منهم سبعون رجلا وأسر منهم سبعون رجلا استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعليًّا، فقال أبو بكـر: يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار، وعسى الله أن يهديهم للإسلام فيكونوا لنا عضدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ترى يا ابن الخطاب"، قال: قلت والله ما أرى ما رأى أبو بكر ولكن أن تمكنني من فلان -قريب لعمر - فأضرب عنقه، وتمكن عليًّا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه حتى يعلم الله عز وجل أنه ليس في قلوبنـا هُوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم، فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت، فأخذ منهم الفداء؛ فلما كان من الغد قال عمر: غدوت إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فإذا هو قاعد وأبو بكر الصديق وإذا هما يبكيان فقلت: يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "أبكي للذي عرض على أصحابك من الفداء، لقد عُرض عَليّ عذابكم أدنى من الشجرة " -لشجرة قريبة- وأنـزل الله عز وجل:
 مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ 
إلى قوله:  لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ  
من الفداء  عَذَابٌ عَظِيمٌ  رواه مسلم في الصحيح عن هناد بن السري، عن ابن المبارك، عن عكرمة بن عمار. 

 قوله تعالى: 
 يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى  
الآية  70  . 


قال الكلبي: نـزلت في العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث، وكان العباس أسر يوم بدر ومعه عشرون أوقية من الذهب وكان خرج بها معه إلى بدر ليطعم بها الناس، وكان أحد العشرة الذين ضمنوا إطعام أهل بدر، ولم يكن بلغته النوبة حتى أسر، فأخذت منه وأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، قال: فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لي العشرين الأوقية الذهب التي أخذها مني فداء، فأبى عليّ وقال: "أما شيء خرجت تستعين به علينا فلا"، وكلفني فـداء ابن أخي عقيل بن أبي طالب عشرين أوقية من فضة، فقلت له: تركتني والله أسأل قريشا بكفي والناس ما بقيت، قال: "فأين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل قبل مخرجك إلى بدر وقلت لها: إن حدث بي حدث في وجهي هذا فهو لك ولعبد الله والفضل وقثم"؟ قال: قلت: وما يدريك؟ قال: "أخبرني الله بذلك"، قال: أشهد أنك لصادق وإني قد دفعت إليها ذهبا ولم يطلع عليها أحد إلا الله، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قال العباس: فأعطاني الله خيرا مما أخذ مني، كما قال: عشرين عبدًا كلهم يضرب بمال كثير مكان العشرين أوقية، وأنا أرجو المغفرة من ربي. 


تم الانتهاء من سورة الأنفال و نتابع بإذن الله تعالى 
أسباب نزول آيات سورة التوبة (براءة )

تم نقل أسباب نزول القرآن من مجمع الملك فهد
لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة،
فما كان من النقل من صواب فمن الله
و ماكان من خطأ فمن النفس و الشيطان،
و الله و رسوله منه بريئان.


سورة براءة

قوله تعالى: 
 وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ 
الآية  12 

قال ابن عباس: نـزلت في أبي سفيان بن حرب والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل وسائر رؤساء قريش الذين نقضوا العهد، وهم الذين هموا بإخراج الرسول. 
قوله تعالى: 
 مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ 
الآية  17 

قال المفسرون لما أسر العباس يوم بدر أقبل عليه المسلمون فعيروه بكفره بالله وقطيعة الرحم، وأغلظ علي له القول، فقال العباس: ما لكم تذكرون مساوينا ولا تذكرون، محاسننا، فقال له علي: ألكم محاسن؟ قال: نعم، إنا لنعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة، ونسقي الحاج، ونفك العاني؛ فأنـزل الله عز وجل ردا على العباس: 

 مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا  الآية. 
 قوله تعالى:
 أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ 
الآية  19 

أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي رحمه الله قال: أخبرنا عبد الله بن حامد الوزان قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن جعفر بن عبد الله المنادي قال: أخبرنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي قال: حدثنا معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام قال: حدثنا النعمان بن بشير قال: كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد أن أسقي الحاج، وقال الآخر: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد أن أعمر المسجد الحرام وقال آخر: الجهاد في سبيل أفضل مما قلتم، فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو يوم الجمعة- ولكني إذا صليت دخلت فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اختلفتم فيه، ففعل. فأنـزل الله تعالى:
 أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ  إلى قوله تعالى:
 وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ  
رواه مسلم عن الحسن بن علي الحلواني، عن أبي توبة. 
 وقال ابن عباس في رواية الوالبي: قال العباس بن عبد المطلب حين أسر يوم بدر: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج ونفك العاني، فأنـزل الله تعالى:

 أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ  الآية. 
وقال الحسن والشعبي والقرظي: نـزلت الآية في علي والعباس وطلحة بن شيبة وذلك أنهم افتخروا، فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه ولو أشاء بت فيه وإلي ثياب بيته، وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، وقال علي: ما أدري ما تقولان، لقد صليت ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد. فأنـزل الله تعالى هذه الآية. 

وقال ابن سيرين ومرة الهمداني: قال عليّ للعباس: ألا تهاجر؟ ألا تلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ألست في شيء أفضل من الهجرة؟ ألست أسقي حاج بيت الله وأعمر المسجد الحرام؟ فنـزلت هذه الآية ونـزل قوله تعالى:  الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا قوله تعالى: 

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ  ا
لآية  23-24 

قال الكلبي: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة جعل الرجل يقول لأبيه وأخيه وامرأته: إنا قد أمرنا بالهجرة، فمنهم من يسرع إلى ذلك ويعجبه، ومنهم من يتعلق به زوجته وعياله وولده، فيقولون: ناشدناك الله أن تدعنا إلى غير شيء فنضيع، فيرقّ فيجلس معهم ويدع الهجرة، فنـزل قول الله تعالى:
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ  الآية. ونـزل في الذين تخلفوا بمكة ولم يهاجروا قوله تعالى:
 قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ  إلى قوله: 
 فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ  يعني: القتال وفتح مكة. 

قوله تعالى:
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ  
الاية 34 


نـزلت في العلماء والقراء من أهل الكتاب كانوا يأخذون الرشاء من سفلتهم، وهي المآكل التي كانوا يصيبونها من عوامهم. 
قوله تعالى:
 وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ 

الآية  34 

أخبرنا أبو إسحاق المقري قال: أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن نصير قـال: حدثنـا عمرو بن زرارة قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا حصين عن زيد بن وهب قال: مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر فقلت له: ما أنـزلك منـزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية: 
 وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ  فقال معاوية: نـزلت في أهل الكتاب، فقلت: نـزلت فينا وفيهم، وكان بيني وبينه كلام في ذلك، وكتب إلى عثمان يشكو مني، وكتب إلي عثمان أن أقدم المدينة فقدمتها، وكثر الناس عليّ حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان فقال: إن شئت تنحيت وكنت قريبا، فذلك الذي أنـزلني هذا المنـزل ولو أمروا عليّ حبشيًا لسمعت وأطعت، رواه البخاري، عن قتيبة، عن جرير، عن حصين. ورواه أيضًا عن عليّ، عن هشيم. 
والمفسرون أيضًا مختلفون: فعند بعضهم أنها في أهل الكتاب خاصة. وقال السدي: هي في أهل القبلة. وقال الضحاك: هي عامة في أهل الكتاب والمسلمين. وقال عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى:
 وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ  قال: يريد من المؤمنين. أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم النجار قال: حدثنا سليمان بن أيوب الطبراني قال: حدثنا محمد بن داود بن صدقة قال: حدثنا عبد الله بن معافي قال: حدثنا شريك، عن محمد بن عبد الله المرادي، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان قال: لما نـزلت: 
 وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تبا للذهب والفضة"، قالوا: يا رسول الله فأي المال نكنـز؟ قال: "قلبًا شاكرًا ولسانًا ذاكرًا وزوجة صالحة". 

قوله تعالى:
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا  
الآية  38 


نـزلت في الحثّ على غزوة تبوك، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من الطائف وغزوة حنين أمر بالجهاد لغزو الروم، وذلك في زمان عسرة من الناس وجدب من البلاد وشدة من الحر، حين أخرفت النخل وطابت الثمار، فعظم على الناس غزوة الروم وأحبوا الظلال والمقام في المساكن والمال، وشقّ عليهم الخروج إلى القتال، فلما علم الله تثاقل الناس أنـزل هذه الآية. 
قوله تعالى: 
 انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا 
الآية  41 


نـزلت في الذين اعتذروا بالضيعة والشغل و انتشار الأمر، فأبى الله تعالى أن يعذرهم دون أن ينفروا على ما كان منهم. 
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: حدثنا إبراهيم بن عليّ قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن ابن جدعان عن أنس قال: قرأ أبو طلحة:  انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا  فقال: ما أسمع الله عذر أحدًا، فخرج مجاهدًا إلى الشام حتى مات. 
وقال السدي: جاء المقداد بن الأسود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عظيمًا سمينًا، فشكا إليه وسأله أن يأذن له، فنـزلت فيه:  انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا  فلما نـزلت هذه الآية اشتد شأنها على الناس، فنسخها الله تعالى وأنـزل:

 لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى  الآية. ثم أنـزل في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين قوله تعالى:
 لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا  الآية. وقوله تعالى:

 لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا  وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج ضرب عسكره على ثنية الوداع، وضرب عبد الله بن أُبيّ عسكره على ذي جده أسفل من ثنية الوداع، ولم يكن بأقل العسكرين، فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف عنه عبد الله بن أُبيّ بمن تخلف من المنافقين وأهل الريب، فأنـزل الله تعالى يعزي نبيه:  لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا  الآية.




 قوله تعالى:
 وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي 
الآية  49 

نـزلت في جد بن قيس المنافق، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تجهز لغزوة تبوك قال له: "يا أبا وهب هل لك في جلاد بني الأصفر تتخذ منهم سراري ووُصفاء؟" فقال: يا رسول الله لقد عرف قومي أني رجل مغرم بالنساء، وأني أخشى إن رأيت بنات بني الأصفر أن لا أصبر عنهم فلا تفتنِّي بهم وائذن لي في القعود عنك وأعينك بمالي، فأعرض عنه النبيّ صلى الله عليه وسلم وقال: "قد أذنت لك"، فأنـزل الله هذه الآية. فلما نـزلت هذه الآية قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم لبني سلمة - وكان الجد منهم-: "من سيدكم يا بني سلمة؟" قالوا: الجد بن قيس غير أنه بخيل جبان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأي داء أدوى من البخل، بل سيدكم الأبيض الفتى الجعد: بشر بن البراء بن معرور"، فقال فيه حسان بن ثابت: 
وقــال رسـول اللـه والحـق لاحـق
بمـن قـال منـا مـن تعــدون سيدا 
فقلنـا لـه: جــد بن قيس على الـذي
نبخلــه فينـــا وإن كــان أنكـدا 
فقــال وأيّ الـداء أدوى مــن الـذي
رميتـم بـه جـدًا وعـالى بهـا بـدا 
وســود بشـر بـن الـبراء بجــوده
وحــق لبشـر ذي النـدا أن يسـودا 
إذا مــا أتــاه الوفـد أنهــب مالـه
وقــال: خـذوه إنــه عـائد غـدا 
وما بعد هذه الآية كلها للمنافقين إلى قوله تعالى:

 إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ  الآية. 
 قوله تعالى:
 وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ  
الآية  58 


أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي قال: حدثنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم قسمًا إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التميمي وهو حرقوص بن زهير أصل الخوارج، فقال اعدل فينا يا رسول الله، فقال: "ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟" فنـزلت:

 وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ  الآية. رواه البخاري عن عبد الله بن محمد، عن هشام، عن معمر. 
وقال الكلبي: نـزلت في المؤلفة قلوبهم وهم المنافقون، قال رجل منهم يقال له أبو الجواظ للنبي صلى الله عليه وسلم: لم تقسم بالسوية، فأنـزل الله تعالى:
 وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ 
قوله تعالى:

 وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ 

الآية. نـزلت في جماعة من المنافقين كانوا يؤذون الرسول ويقولون فيه ما لا ينبغي، قال بعضهم: لا تفعلوا فإنا نخاف أن يبلغه ما تقولون فيقع بنا: فقال الجلاس بن سويد نقول ما شئنا ثم نأتيه فيصدقنا بما نقول، فإنما محمد أذن سامعة، فأنـزل الله تعالى هذه الآية. 

 وقال محمد بن إسحاق بن يسار وغيـره، نـزلت في رجـل من المنافقين يقال له نبتل بن الحارث، وكان رجلا أَدْلم أحمر العينين أسفع الخدّين مشوّه الخلقة، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن ينظر الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحارث"، وكان ينم حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المنافقين، فقيل له: لا تفعل، فقال: إنما محمد أذن، من حدثـه شيئًا صدّقه. نقول ما شئنا، ثم نأتيه فنحلف له فيصدقنا. فأَنـزل الله تعالى هذه الآية. 

وقال السدي: اجتمع ناس من المنافقين فيهم جلاس بن سويد بن الصامت ووديعة بن ثابت فأرادوا أن يقعوا في النبيّ صلى الله عليه وسلم وعندهم غلام من الأنصار يدعى: عامر بن قيس فحقروه، فتكلموا وقالوا: والله لئن كان ما يقول محمد حقًّا لنحن شرٌّ من الحمير. فغضب الغلام وقال: والله إن ما يقول محمد حق وإنكم لشر من الحمير، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأَخبره، فدعاهم فسأَلهم، فحلفوا أن عامرًا كاذب وحلف عامر أنهم كذبة، وقال: اللهم لا تفرق بيننا حتى تبين صدق الصادق من كذب الكاذب، فنـزلت فيهم:

 وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ 
ونـزل قوله:
 يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ 



قوله تعالى: 
 يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ  
الآية  64 

قال السدي: قال بعض المنافقين: والله لوددت أني قدمت فجلدت مائة ولا ينـزل فينا شيء يفضحنا، فأنـزل الله هذه الآية. وقال مجاهد: كانوا يقولون القول بينهم ثم يقولون: عسى الله أن لا يفشي علينا سرّنا. 
قوله تعالى: 
 وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ 
الآية  65 

قال قتادة: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وبين يديه ناس من المنافقين إذ قالوا: يرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها! هيهات له ذلك، فأطلع الله نبيه على ذلك، فقال نبيّ الله: "احبسوا علي الركب" فأتاهم فقال: "قلتم كذا وكذا؟" فقالوا: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، فأنـزل الله تعالى هذه الآية. 
 وقال زيد بن أسلم ومحمد بن وهب: قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال عوف بن مالك: كذبت ولكنك منافق لأخبرنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذهب عوف ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث بحديث الركب نقطع به عنا الطريق. 

قوله تعالى: 
 يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ  
الآية  64 

قال السدي: قال بعض المنافقين: والله لوددت أني قدمت فجلدت مائة ولا ينـزل فينا شيء يفضحنا، فأنـزل الله هذه الآية. وقال مجاهد: كانوا يقولون القول بينهم ثم يقولون: عسى الله أن لا يفشي علينا سرّنا. 
قوله تعالى:
 وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ  
الآية 65 

قال قتادة: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وبين يديه ناس من المنافقين إذ قالوا: يرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها! هيهات له ذلك، فأطلع الله نبيه على ذلك، فقال نبيّ الله: "احبسوا علي الركب" فأتاهم فقال: "قلتم كذا وكذا؟" فقالوا: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، فأنـزل الله تعالى هذه الآية. 
 وقال زيد بن أسلم ومحمد بن وهب: قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال عوف بن مالك: كذبت ولكنك منافق لأخبرنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذهب عوف ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث بحديث الركب نقطع به عنا الطريق. 
أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن عبد الله الجوزقي، أخبرنا بشر بن أحمد بن بشر، حدثنا أبو جعفر محمد بن موسى الحلواني، حدثنا محمد بن ميمون الخياط، حدثنا إسماعيل بن داود المهرجاني، حدثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر قال: رأيت عبد الله بن أبي يسير قدّام النبي صلى الله عليه وسلم والحجارة تنكبه وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، والنبيّ صلى الله عليه وسلم يقول:

 أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ  ؟. 
قوله تعالى:
 يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا  
الآية  74 

قال الضحاك: خرج المنافقون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك، وكانوا إذا خلا بعضهم ببعض سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وطعنوا في الدين، فنقل ما قالوا حُذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أهل النفاق ما هذا الذي بلغني عنكم"؟ فحلفوا ما قالوا شيئا من ذلك، فأنـزل الله تعالى هذه الآية إكذابا لهم. 
وقال قتادة: ذكر لنا أن رجلين اقتتلا رجلا من جهينة ورجلا من غفار، فظهر الغفاري على الجهيني، فنادى عبد الله بن أبيّ: يا بني الأوس انصرُوا أخاكم، فوالله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك، فوالله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل، فسمع بها رجل من المسلمين، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأرسل إليه، فجعل يحلف بالله ما قال، وأنـزل الله تعالى هذه الآية. 
قوله تعالى:
 وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا 
الآية  74 

قال الضحاك: هموا أن يدفعوا النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة وكانوا قومًا قد أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم معه، يلتمسون غرته حتى أخذ في عقبة، فتقدم بعضهم وتأخر بعضهم وذلك كان ليلا قالوا: إذا أخذ في العقبة دفعناه عن راحلته في الوادي، وكان قائده في تلك الليلة عمار بن ياسر وسائقه حُذيفة فسمع حذيفة وقع أخفاف الإبل، فالتفت فإذا هو بقوم متلثمين، فقال: إليكم إليكم يا أعداء الله؛ فأمسكوا، ومضى النبيّ عليه الصلاة والسلام حتى نـزل منـزله الذي أراد، فأَنـزل الله تعالى قوله:  وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا .


 قوله تعالى: 
 وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ  
الآية  75 

أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الفضل، حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر قال: حدثنا أبو عمران موسى بن سهل الحوني قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا محمد بن شعيب قال: حدثنا معاذ بن رفاعة السلمي عن أبي عبد الملك علي بن يزيد أنه أخبره عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي: أن ثعلبة بن حاطب الأنصاريّ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه". 
ثم قال مرة أخرى: "أما ترضى أن تكون مثل نبي الله، فوالذي نفسي بيده لو شئت أن تسيل معي الجبال فضة وذهبا لسالت". فقال: والذي بعثك بالحق نبيا لئن دعوت الله أن يرزقني مالا لأوتين كل ذي حق حقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم ارزق ثعلبة مالا"، فاتخذ غنما فنمت كما ينمو الدود، فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها، فنـزل واديًا من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ويترك ما سواهما، ثم نمت وكثرت حتى ترك الصلاة إلى الجمعة، وهي تنمو كما ينمو الدود حتى ترك الجمعة، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما فعل ثعلبة؟" فقالوا: اتخذ غنما وضاقت عليه المدينة وأخبروه بخبره، فقال: "يا ويح ثعلبة" ثلاثًا، وأنـزل الله عز وجل:

 خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا  وأنـزل فرائض الصدقة. 
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقة رجلا من جهينة ورجلا من بني سليم، وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة، وقال لهما: مرا بثعلبة وبفلان رجل من بني سليم، فخذا صدقاتهما، فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسأَلاه الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال: ما هذه إلا جزية، ما هذه إلا أخت الجزية، ما أدري ما هذا؟ انطلقا حتى تفرغا ثم تعودا إليّ، فانطلقا وأخبرا السلمي، فنظر إلى خيار أسنان إبله فعزلها للصدقة ثم استقبلهم بها، فلما رأوها قالوا: ما يجب هذا عليك وما نريد أن نأخذه منك، قال: بلى خذوه فإن نفسي بذلك طيبة، وإنما هي إبلي. 
فأَخذوها منه، فلما فرغا من صدقتها رجعا حتى مرّا بثعلبة، فقال: أروني كتابكما حتى أنظر فيه، فقال: ما هذه إلا أخت الجزية انطلقا حتى أرى رأيي، فانطلقا حتى أتيا النبيّ عليه الصلاة والسلام، فلما رآهما قال: "يا ويح ثعلبة" قبل أن يكلمهما، ودعا للسلميّ بالبركة، فأخبروه بالذي صنع ثعلبـة والذي صنع السلمي، فأنـزل الله عز وجل:

 وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ  إلى قولـه تعالى:  بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ  وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أقارب ثعلبة، فسمع ذلك، فخرج حتى أتى ثعلبة فقال: ويحك يا ثعلبة قد أنـزل الله فيك كذا وكذا، فخرج ثعلبة حتى أتى النبيّ عليه الصلاة والسلام فسأَله أن يقبل منه صدقته فقال: "إن الله قد منعني أن أقبل منك صدقتك"، فجعل يحثو التراب على رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا عملك، قد أمرتك فلم تطعني". 
فلما أبى أن يقبل منه شيئًا رجع إلى منـزله، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقبل منه شيئًا، ثم أتى أبا بكر رضي الله عنه حين استخلف، فقال: قد علمت منـزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعي من الأنصار فاقبل صدقتي، فقال: لم يقبلها رسول الله وأنا أقبلها؟ فقبض أبو بكر وأبى أن يقبلها، فلما ولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتاه فقال: يا أمير المؤمنين اقبل صدقتي، فقال: لم يقبلها رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا أبو بكر أنا أقبلها منك؟ فلم يقبلها، وقبض عمر رضي الله عنه ثم ولي عثمان رضي الله عنه، فأتاه فسأله أن يقبل صدقته فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبلها ولا أبو بكر ولا عمر وأنا أقبلها منك؟ فلم يقبلها عثمان، فهلك ثعلبة في خلافة عثمان رضي الله عنه. 
 قوله تعالى: 
 الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ  
الآية  79 


أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر، أخبرنا أبو علي الفقيه، أخبرنا أبو علي محمد بن سليمان المالكي قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي، حدثنا شعبة عن سليمان، عن أبي وائل، عن أبي مسعود قال: لما نـزلت آية الصدقة كنا نحامل، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا: مرائي، وجاء رجل فتصدق بصاع، فقالوا: إن الله لغني عن صاع هذا، فنـزلت:
 الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ  
رواه البخاري عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد، عن أبي النعمان. 
 وقال قتادة وغيره: حثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة، فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم وقال: يا رسول الله مالي ثمانية آلاف جئتك بنصفها فاجعلها في سبيل الله، وأمسكت نصفها لعيالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت"، فبارك الله في مال عبد الرحمن حتى أنه خلف امرأتين يوم مات، فبلغ ثمن ماله لهما مائة وستين ألف درهم، وتصدق يومئذ عاصم بن عدي بن العجلان بمائة وسق من تمر، "وجاء أبو عقيل الأنصاري بصاع من تمر وقال: يا رسول الله بتّ ليلتي أجرّ بالجرير الماء حتى نلت صاعين من تمر، فأمسكت أحدهما لأهلي وأتيتك بالآخر، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينثره في الصدقات، فلمزهم المنافقون وقالوا: ما أعطى عبد الرحمن وعاصم إلا رياء، وإن كان الله ورسوله غنيين عن صاع أبي عقيل، ولكنه أحبّ أن يذكر نفسه" ، فأنـزل الله تعالى هذه الآية.




 قوله تعالى:
 وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا 
الآية  84 

حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الواعظ إملاء، أخبرنا عبد الله بن محمد بن نصر، أخبرنا يوسف بن عاصم الرازي، حدثنا العباس بن الوليد النرسي، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر قال: لما توفي عبد الله بن أبيّ جاء ابنه إلى رسول الله صلوات الله عليه وقال: أعطني قميصك حتى أكفنه فيه وأصلي عليه وأستغفر له، فأعطاه قميصـه ثم قال: "آذنّي حتى أصلي عليه"، فآذنه، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر بن الخطاب وقال: أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين؟ فقال: "أنا بين خيرتين: أستغفر لهم أو لا أستغفر". ثم نـزلت عليه هذه الآية:

 وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ  فترك الصلاة عليهم. رواه البخاري عن مسدد، ورواه مسلم عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد كلاهما عن يحيى بن سعيد. 
 أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النصراباذي أخبرنا أبو بكر بن مالك القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثني أبي عن محمد بن إسحاق، حدثني الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لما توفي عبد الله بن أبيّ دُعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه، فقام إليه، فلما وقف عليه يريد الصلاة عليه تحوّلت حتى قمت في صدره فقلت: يا رسول الله أعلى عدوّ الله عبد الله بن أبيّ القائل يوم كذا: وكذا وكذا؟ أعدد أيامه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم، حتى إذا أكثرت عليه قال: "أخر عني يا عمر، إني خيرت فاخترت، قد قيل لي:

 اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ  
لو علمت أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت" قال: ثم صلى صلى الله عليه وسلم ومشى معه، فقام على قبره حتى فرغ منه قال: فعجبت لي وجراءتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ورسوله أعلم. قال: فوالله ما كان إلا يسيرًا حتى نـزل:

 وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ  الآية. فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق، ولا قام على قبره حتى قبضه الله تعالى. 
قال المفسرون. وكُلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فعل بعبد الله بن أبيّ فقال: "وما يغني عنه قميصي وصلاتي من الله؟ والله إني كنت أرجو أن يسلم به ألف من قومه". 
قوله تعالى:

 وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ 
الآية 92 


نـزلت في البكائين وكانوا سبعة: معقل بن يسار وصخر بن خنيس وعبد الله بن كعب الأنصاري وعلبة بن زيد الأنصاري وسالم بن عمير وثعلبة بن غنمة وعبد الله بن مغفَّل، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبيّ الله إن الله عز وجل قد ندبنا للخروج معك، فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة نغزو معك، فقال: "لا أجد ما أحملكم عليه"، فتولوا وهم يبكون. وقال مجاهد: نـزلت في بني مقرِّن: معقل وسويد والنعمان  
قوله تعالى:
 الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا  
الآية 97 

نـزلت في أعاريب من أسد وغطفان، وأعاريب من أعراب حاضري المدينة. 
قوله تعالى:
 وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ  
الآية 101 

قال الكلبي: نـزلت في جهينة ومزينة وأشجع وأسلم وغفار

 وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ  يعني عبدالله بن أبيّ وجد بن قيس، ومعتب بن قشير والجلاس بن سويد، وأبا عامر الراهب. 
 قوله تعالى:
 وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ  

الآياتان 102 ، 103 

قال ابن عباس في رواية الوالبي: نـزلَت في قوم كانوا قد تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ثم ندموا على ذلك، وقالوا: نكون في الكن والظلال مع النساء ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الجهاد، والله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون الرسول هو الذي يطلقنا ويعذرنا، وأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بهم فرآهم، فقال: "من هؤلاء؟" قالوا: هؤلاء تخلفوا عنك، فعاهدوا الله أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم وترضى عنهم، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى أومر بإطلاقهم، رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين"، فأنـزل الله تعالى هذه الآية، فلما نـزلت أرسل إليهم النبي صلوات الله عليه وأطلقهم وعذرهم، فلما أطلقهم قالوا: يا رسول الله هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق بها عنا وطهرنا واستغفر لنا، فقال: "ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئًا"، فأنـزل الله عز وجل:

 خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ  الآية. وقال ابن عباس: كانوا عشرة رهط. 
قوله تعالى:
 وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ  
الآية  106 

نـزلت في كعب بن مالك ومرارة بن الربيع أحد بني عمرو بن عوف وهلال بن أمية من بني واقف تخلفوا عن غزوة تبوك، وهم الذين ذكروا في قوله تعالى:

 وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا  الآية. 
 قوله تعالى:
 وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا 
 107 ، 108 

قال المفسرون: إن بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم، فأتاهم فصلى فيه، فحسدهم إخوتهم بنوغُنم بن عوف، وقالوا: نبني مسجدًا ونرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي فيه كما صلّى في مسجد إخواننا، وليصلّ فيه أبو عامر الراهب إذا قدم من الشام، وكان أبو عامر قد ترهب في الجاهلية وتنصر ولبس المسوح، وأنكر دين الحنيفية لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعاداه، وسماه النبيّ عليه الصلاة والسلام: أبا عامر الفاسق، وخرج إلى الشام وأرسل إلى المنافقين أن استعدوا بما استطعتم من قوّة وسلاح، وابنوا لي مسجدًا فإني ذاهب إلى قيصر فآتي بجند الروم، فأخرج محمدًا وأصحابه، فبنوا له مسجدًا إلى جنب مسجد قباء، وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا خِذام بن خالد، ومن داره أخرج مسجد الشقاق، وثعلبة بن حاطب ومعتّب بن قُشير وأبو حبيبة بن الأزعر وعباد بن حنيف وجارية بن عمرو وابناه مجمع وزيد ونبتل بن حارث وبَحْزَج وبِجاد بن عثمان ووديعة بن ثابت، فلما فرغوا منه أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا قد بنينا مسجدًا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشانية، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه، فدعا بقميصه ليلبسه فيأتيهم، فنـزل عليه القرآن وأخبره الله عز وجل خبر مسجد الضرار وما هموا به، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدُّخشُم ومعن بن عديّ وعامر بن السَّكَن وحشيًّا قاتل حمزة، وقال لهم: انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه، فخرجوا وانطلق مالك وأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا، ثم دخلوا المسجد وفيه أهله فحرّقوه وهدموه وتفرّق عنه أهله، وأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يتخذ ذلك كناسة تلقى فيها الجيف والنتن والقمامة، ومات أبو عامر بالشام وحيدًا غريبًا. 
 أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، حـدثنا أبو العباس بن إسماعيل بن عبد الله بن ميكال، أخبرنا عبد الله بن موسى الأهوازي، أخبرنا إسماعيل بن زكريا، حدثنا داود بن الزبرقان عن صخر بن جويرية، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، عن أبيها قال: إن المنافقين عرضوا المسجد يبنونه ليضاهؤا به مسجد قباء -وهو قريب منه- لأبي عامر الراهب يرصدونه إذا قدم ليكون إمامهم فيه، فلما فرغوا من بنائه أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا قد بنينا مسجدا فصلّ فيه حتى نتخذه مصلى، فأخذ ثوبه ليقوم معهم، فنـزلت هذه الآية:  لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا 



قوله تعالى:
 إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ 
الآية  111 

قال محمد بن كعب القرظي: لما بايعت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة بمكة وهم سبعون نفسًا، قال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت، فقال: "أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم"، قالوا: فإذا فعلنا ذلك فماذا لنا؟ قال: "الجنة". قالوا: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل، فنـزلت هذه الآية. 
 قوله تعالى: 
 مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ 
 113 ، 114 

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي، أخبرنا محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخـزاعي، حدثنا أبو اليمان قال: أخبرني شعيب عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه قال: لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أُمية فقال: "أي عمّ قل معي لا إله إلا الله أحاجّ لك بها عند الله"، فقال أبو جهل وابن أبي أُمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به على ملة عبد المطلب، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك"، فنـزلت:
 مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ  روى البخاري عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن معمر، ورواه مسلم عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس، كلاهما عن الزهري. 
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو النيسابوري، أخبرنا الحسن بن علي بن مؤمل، أخبرنا عمرو بن عبد الله البصري، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا جعفر بن عون، أخبرنا موسى بن عبيدة قال: أخبرنا محمد بن كعب القرظي قال: بلغني أنه لما اشتكى أبو طالب شكواه التي قبض فيها، قالت له قريش: يا أبا طالب أرسل إلى ابن أخيك، فيرسل إليك من هذه الجنة التي ذكرها تكون لك شفاء، فخرج الرسول حتى وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر جالسًا معه فقال: يا محمد إن عمك يقول لك إني كبير ضعيف سقيم، فأرسل إليّ من جنتك هذه التي تذكر من طعامها وشرابها شيئا يكون لي فيه شفاء، فقال أبو بكر: إن الله حرّمها على الكافرين، فرجع إليهم الرسول، فقال: بلغت محمدا الذي أرسلتموني به فلم يحر إليّ شيئا. وقال أبو بكر: إن الله حرمها على الكافرين، فحملوا أنفسهم عليه حتى أرسل رسولا من عنده، فوجد الرسول في مجلسه، فقال له مثل ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرّم على الكافرين طعامها وشرابها"، ثم قام في إثر الرسول حتى دخل معه بيت أبي طالب، فوجده مملوءا رجالا فقال: "خلوا بيني وبين عمي"، فقالوا: ما نحن بفاعلين ما أنت أحق به منا إن كانت لك قرابة، فلنا قرابة مثل قرابتك، فجلس إليه فقال: "يا عم جزيت عني خيرًا كفلتني صغيرًا وحطتني كبيرًا جزيت عني خيرًا، يا عم أعني على نفسك بكلمة واحدة أشفع لك بها عند الله يوم القيامة"، قال: وما هي يا ابن أخي؟ قال: "قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له"، فقال: إنك لي ناصح والله لولا أن تعيرني قريش عنه فيقال: جزع عمك من الموت لأقررت بها عينك، قال: فصاح القوم: يا أبا طالب أن رأس الحنيفية ملة الأشياخ، فقال: لا تحدث نساء قريش أن عمك جزع عند الموت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا أزال أستغفر لك ربي حتى يردني"، فاستغفر له بعد ما مات، فقال المسلمون ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا ولذي قراباتنا قد استغفر إبراهيم لأبيه، وهذا محمد صلى الله عليه وسلم يستغفر لعمه، فاستغفروا للمشركين حتى نـزل:
 مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى 
 أخبرنا أبو القاسم بن عبد الرحمن بن أحمد الحراني، حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم، حدثنا محمد بن يعقوب الأموي، حدثنا بحر بن نصر، حدثنا ابن وهب، أخبرنا ابن جريج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر في المقابر وخرجنا معه فأمرنا فجلسنا، ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم ارتفـع نحيب رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا، فبكينـا لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إنه أقبل إلينا فتلقاه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، ما الذي أبكاك؟ فقد أبكانا وأفزعنا! فجاء فجلس إلينا فقال: "أفزعكم بكائي؟" فقلنا: نعم يا رسول الله، فقال: "إن القبر الذي رأيتموني أناجي فيه قبر آمنة بنت وهب، وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي فيه واستأذنت ربي في الاستغفار لها فلم يأذن لي فيه"، ونـزل:
 مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ  حتى ختم الآية
 وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ 
"فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة من الرقة، فذلك الذي أبكاني". 
قوله تعالى:
 وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً  
الاية 122 

قال ابن عباس في رواية الكلبي: لما أنـزل الله تعالى عيوب المنافقين لتخلفهم عن الجهاد قال المؤمنون: والله لا نتخلف عن غزوة يغزوها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سرية أبدًا، فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسرايا إلى العدو نفر المسلمون جميعًا وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده بالمدينة، فأنـزل الله تعالى هذه الآية. 



تم الانتهاء من سورة براءة و نتابع بإذن الله تعالى 
أسباب نزول آيات سورة يونس
تم نقل أسباب نزول القرآن من مجمع الملك فهد
لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة،
فما كان من النقل من صواب فمن الله
و ما كان من خطأ فمن النفس و الشيطان،
و الله و رسوله منه بريئان.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق