سورة المائدة
قوله تعالى: 

الآية


. قال ابن عباس: نـزلت في الحطم - اسمه شريح بن ضُبَيِّعـة الكِندي - أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من اليمامة إلى المدينة، فخلّف خيله خارج المدينة ودخل وحده على النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: إلام تدعو الناس؟ قال: "إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة"، فقال: حسن، إلا أن لي أمراء لا أقطع أمرًا دونهم، ولعلي أسلم وآتي بهم، وقد كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه: "يدخل عليكم رجل يتكلم بلسان شيطان"، ثم خرج من عنده، فلما خرج قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقبي غادر، وما الرجل بمسلم"، فمرّ بسرح المدينه فاستاقه، فطلبوه فعجزوا عنه، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام القضية سمع تلبية حجاج اليمامة، فقال لأصحابه: "هذا الحُطَم وأصحابه"، وكان قد قلد هديًا من سرح المدينة وأهداه إلى الكعبة، فلما توجهوا في طلبه أنـزل الله تعالى:


وقال زيد بن أسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه بالحديبية حين صدَّهم المشركون عن البيت، وقد اشتد ذلك عليهم، فمرّ بهم ناس من المشركين يريدون العمرة، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صُدُّ هؤلاء كما صدنا أصحابهم، فأنـزل الله تعالى:


أي ولا تعتدوا على هؤلاء العمار إن صدكم أصحابهم.
قوله تعالى:


الآية


نـزلت هذه الآية يوم الجمعة، وكان يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع سنة عشر، والنبيّ صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته العضباء.
أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا جعفر بن عون قال: أخبرني أبو عميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين إنكم تقرءون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نـزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، فقال: أيّ آية هي؟ قال:


أخبرنا الحاكم أبو عبد الرحمن الشاذياخي قال: أخبرنا زاهر بن أحمد قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا أبو قتيبة قال: حدثنا حماد عن عمار بن أبي عمار قال: قرأ ابن عباس هذه الآية ومعه يهودي
:


فقال اليهودي: لو نـزلت هذه الآية علينا في يوم لاتخذناه عيدًا، فقال ابن عباس: فإنها نـزلت في عيدين اتفقا في يوم واحد يوم جمعة وافق ذلك يوم عرفة.



الآية


أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: حدثنا أبو يحيى قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثني يحيى بن أبي زائدة، عن موسى بن عبيدة، عن أبان بن صالح، عن القعقاع بن حكيم عن سلمى أم رافع، عن أبي رافع قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، فقال الناس: يا رسول الله ما أحل لنا من هذه الأمة التي أمرتَ بقتلها؟ فأنـزل الله تعالى هذه الآية وهي:


رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه، عن أبي بكر بن بالوية، عن محمد بن شاذان، عن يعلى بن منصور، عن ابن أبي زائدة.
وذكر المفسرون شرح هذه القصة قالوا: قال أبو رافع: جاء جبريل عليه السلام إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم واستأذن عليـه، فأَذِنَ لـه فلم يدخل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "قد أذنّا لك يا جبريل"، فقال: "أجل يا رسول الله، ولكنا لا ندخل بيتًا فيه صورة ولا كلب"، فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جَرْو، قال أبو رافع: فأمرني أن لا أدع كلبًا بالمدينة إلا قتلتُهُ حتى بلغتُ العواليَ، فإذا امرأة عندها كلب يحرسها فرحمتها، فتركته فأتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأمرني بقتله، فرجعت إلى الكلب فقتلته، فلما أمر رسول الله بقتل الكلاب جاء ناس فقالوا: يا رسول الله ماذا يحلّ لنا من هذه الأمة التي تقتلها؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله تعالى هذه الآية؛ فلما نـزلت أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في اقتناء الكلاب التي يُنتَفَع بها، ونهى عن إمساك ما لا نفع فيه منها، وأمر بقتل الكَلْبِ والعَقُور، وما يضر ويؤذي ورفع القتل عما سواهما وما لا ضرر فيه.








الآية


أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر المؤذن قال: أخبرنا أبو علي الفقيه قال: أخبرنا أبو لبابة محمد بن المهدي الميهني قال: حدثنا عمار بن الحسن قال: حدثنا سلمة بن الفضل قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن البصري، عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أن رجلا من محارب يقال له غورث بن الحارث قال لقومه من غطفان ومحارب: ألا أقتل لكم محمدًا؟ قالوا: نعم، وكيف تقتله؟ قال: أفتك به، قال فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس وسيفه في حجره، فقال: يا محمد أنظر إلى سيفك هذا؟ قال: "نعم"، فأخذه فاستله، ثم جعل يهزه ويهمّ به، فكبته الله عز وجل، ثم قال: يا محمد ما تخافني؟ قال: "لا"، قال: ألا تخافني وفي يدي السيف؟ قال: "يمنعني الله منك"، ثم أغمد السيف ورده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله تعالى:







الآية


أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبيد الله المخلدي قال: حدثنا أبو عمرو بن نجيد قال: أخبرنا مسلم قال: حدثنا عبد الرحمن بن حماد قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن أنس: أن رهطًا من عكل وعرينة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف فاستوخمنا المدينة، فأَمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذَوْدٍ راعٍ وأمرهم أن يخرجوا فيها فليشربوا من ألبانها وأبوالها، فلما صحوا وكانوا بناحية الحرّة قتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا الذود، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم، فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم فتركوا في الحرة التي ماتوا على حالهم. قال قتادة: ذكر لنا أن هذه الآية نـزلت فيهم:


إلى آخر الآية. رواه مسلم عن محمد بن المثنى، عن عبد الأعلى، عن سعيد إلى قول قتادة.



الآية


قال الكلبي: نـزلت في طعمة بن أبيرق سارق الدرع وقد مضت قصته.



الآيات


حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري إملاء قال: أخبرنا أبو محمد حاجب ابن أحمد الطوسي قال: حدثنا محمد بن حماد الأبيوردي قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء بن عازب قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيهودي محممًا مجلودًا، فدعاهم فقال: "أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم" قالوا: نعم، قال: فدعا رجلا من علمائهم فقال: "أنشدك الله الذي أنـزل التوراة على موسى عليه السلام، هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟" قال: لا ولولا أنك نشدتني لم أخبرك، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذ أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الوضيع أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه"، فأمر به فرجم، فأنـزل الله تعالى:


إلى قوله




قال: في اليهود، إلى قوله


قال: في النصارى إلى قوله:


قال: في الكفار كلها. رواه مسلم، عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية.
وأخبرنا أبو عبد الله بن إسحاق قال: أخبرنا أبو الهيثم أحمد بن محمد بن غوث الكندي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء بن عازب: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجم يهوديًّا ويهودية، ثم قال:






قال: نـزلت كلها في الكفار. رواه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة.



الآية


أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري قال: حدثني رجل من مزينة ونحن عند سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: زنى رجل من اليهود وامرأة، قال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي فإنه نبي مبعوث للتخفيف، فإذا أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله، وقلنا: فُتيا نبيّ من أنبيائك، فأتوا النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد مع أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما ترى في رجل وامرأة زنيا؟ فلم يكلمهم حتى أتى بيت مدراسهم، فقام على الباب فقال: "أنشدكم بالله الذي أنـزل التوارة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أُحصِن؟" قالوا: يحمَّم وجهه ويجبَّه ويجلد، - والتجبية: أن يُحمَل الزانيان على الحمار ويُقابَل أقفيتهما ويُطاف بهما - قال: وسكت شاب منهم، فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم سكت ألظَّ به في النشدة، فقال: اللهم إذا أنشدتنا فإنا نجد في التوراة الرجم، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "فما أول ما أرخصتم أمر الله عز وجل؟" قال: زنى رجل ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم، ثم زنى رجل في أسرة من الناس فأراد رجمه فحال قومه دونه، فقالوا: لا ترجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبكم فترجمه، فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "فإني أحكم بما في التوراة"، فأمر بهما فرجما.
قال الزهري: فبلغنا أن هذه الآية نـزلت فيهم:


وكان النبي صلى الله عليه وسلم منهم.
قال معمر: أخبرني الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر برجمهما، فلما رجما رأيته يَجْنَأْ بيده عنها ليقيها الحجارة.



الآية


قال ابن عباس: إن جماعة من اليهود منهم كعب بن أسد ،وعبد الله بن صوريا، وشاس بن قيس قال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فأتوه فقال: يا محمد قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم، وأنا إن اتبعناك اتبعنا اليهود ولن يخالفونا، وإن بيننا وبين قوم خصومة ونحاكمهم إليك، فتقضي لنا عليهم ونحن نؤمن بـك ونصدقـك، فـأبى ذلـك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله تعالى فيهم:


قوله تعالى:


الآية


قال عطية العوفي: جاء عبادة بن الصامت فقال: يا رسول الله إن لي موالي من اليهود كثير عددهم حاضر نصرهم، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية اليهود، وآوي إلى الله ورسوله، فقال عبد الله بن أُبيّ: إني رجل أخاف الدوائر ولا أبرأ من ولاية اليهود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا الحباب ما بخلت به من ولاية اليهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه"، فقال: قد قبلت، فأنـزل الله تعالى فيهما:


إلى قوله تعالى:


يعني عبد الله بن أبي




قوله تعالى:


الآية


قال جابر بن عبد الله: جاء عبد الله بن سلام إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن قومًا من قريظة والنضير قد هاجرونا وفارقونا وأقسموا أن لا يجالسونا، ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل، وشكى ما يلقى من اليهود، فنـزلت هذه الآية، فقرأها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء.
ونحو هذا قال الكلبي وزاد: أن آخر الآية نـزل في علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، لأنه أعطى خاتمه سائلا وهو راكع في الصلاة.



ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع، فنظر سائلا فقال: "هل أعطاك أحد شيئا؟" قال: نعم خاتم من ذهب، قال: "من أعطاكه؟" قال: ذلك القائم، وأومأ بيده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: "على أي حال أعطاك؟" قال: أعطاني وهو راكع، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قرأ:







قال ابن عباس: كان رفاعة بن زيد و سويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ثم نافقا وكان رجال من المسلمين يوادّونهما، فأنـزل الله تعالى هذه الآية.



الآية


قال الكلبي: كان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نادى إلى الصلاة، فقام المسلمون إليها، قالت اليهود: قاموا لا قاموا، صلُّوا لا صلُّوا، ركعوا لا ركعوا. على طريق الاستهزاء والضحك فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
قال السدي: نـزلت في رجل من نصارى المدينة كان إذا سمع المؤذن يقول: أشهد أن محمدا رسول الله قال: حرق الكاذب. فدخل خادمه بنار ذات ليلة وهو نائم وأهله نيام، فطارت منها شرارة في البيت فاحترق هو وأهله.
وقـال آخرون: إن الكفار لما سمعوا الآذان حسدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين على ذلك، فدخلوا على رسول الله وقالوا: يا محمد لقد أبدعت شيئًا لم نسمع به فيما مضى من الأمم الخالية، فإن كنت تدّعي النبوة فقد خالفت فيما أحدثت من هذا الآذان الأنبياء من قبلك، ولو كان في هذا الأمر خير كان أولى الناس به الأنبياء والرسل من قبلك، فمن أين لك صياح كصياح العير؟ فما أقبح من صوت ولا أسمج من كفر! فأنـزل الله تعالى هذه الآية وأنـزل:


الآية. [فصلت: 33].



الآية


قال ابن عباس: أتى نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عمن يؤمن به من الرسل، فقال: أُؤمن


إلى قوله:






قوله تعالى:


الآية


قال الحسن: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لما بعثني الله تعالى برسالتي ضقت بها ذرعًا وعرفت أن من الناس من يكذبني" ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهاب قريشًا واليهود والنصارى، فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
أخبرنا أبو سعيد محمد بن عليّ الصفار قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي قال: أخبرنا محمد بن حمدون بن خالد قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الحَلْواني قال: حدثنا الحسن بن حماد سجادة قال: حدثنا علي بن عابس، عن الأعمش وأبي الحجَّاب، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: نـزلت هذه الآية:


يوم غدير خمّ، في عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. قوله تعالى:


الآية


قالت عائشة رضي الله عنها: سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقلت: يا رسول الله ما شأنك؟ قال: "ألا رجل صالح يحرُسنا الليلة"؟ فقالت: بينما نحن في ذلك سمعت صوت السلاح، فقال: "من هذا؟" قال: سعد وحذيفة، جئنا نحرسك. فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غَطِيطه، ونـزلت هذه الآية، فأنـزل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من قُبَّة أَدَم وقال: "انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله".
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: حدثنا إسماعيل بن نجيد قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الخليل حدثنا محمد بن العلاء قـال: حدثنا الحماني قال: حدثنا النضر، عن عكرمة عن ابن عباس قـال: كـان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس وكـان يرسل معه أبو طالب رجالا من بني هـاشم يحرسونه حتى نـزلت عليه هذه الآية:


إلى قوله:


قال: فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه، فقال: "يا عَمّ، إنّ الله قد عصمني من الجن والإنس".



الآيات


إلى قوله تعالى:




الآية.





وقال آخرون: قدم جعفر بن أبي طالب من الحبشة هو وأصحابه ومعهم سبعون رجلا بعثهم النجاشي وفدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ثياب الصوف، اثنان وستون من الحبشة، وثمانية من أهل الشام، وهم بحيرا الراهب و أبرهة و إدريس و أشرف و تمام و قثيم و دريد و أيمن، فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة "يس" إلى آخرها، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينـزل على عيسى، فأنـزل الله تعالى فيهم هذه الآيات.



قال: بعث النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيار أصحابه ثلاثين رجلا فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة "يس" فبكوا، فنـزلت هذه الآية.
قوله تعالى:


الآية





ونـزلت



"ألم أنبَّأ أنكم اتفقتم على كـذا وكذا؟" فقالوا: بلى يا رسول الله، وما أردنا إلا الخير، فقال لهم: "إني لم أومر بذلك، إن لأنفسكم عليكم حقا، فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا، فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم، ومن رغب عن سنتي فليس مني"
، ثم خرج إلى الناس وخطبهم فقال: "ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنيا، أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ولا رهبانًا، فإنه ليس في ديني ترك اللحم والنساء ولا اتخاذ الصوامع، وإن سياحة أمتي الصوم و رهبانيتها الجهاد، و اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وحجوا واعتمروا، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا رمضان، فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد، شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم، فأولئك بقاياهم في الديارات والصوامع"، فأنـزل الله تعالى هذه الآية، فقالوا: يا رسول الله كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها، وكانوا حلفوا على ما عليه اتفقوا، فأنـزل الله تعالى:






الآية


أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر المطوعي قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري قال: حدثنا أحمد بن علي الموصلي قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الحسن أبو موسى قال: حدثنا زهير قال: حدثنا سماك بن حرب قال: حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أتيت على نفر من المهاجرين والأنصار فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمرًا، وذلك قبل أن يحرم الخمر، فأتيتهم في حشٍّ، والحش: البستان، وإذا رأس جزور مشوي عندهم ودنّ من خمر، فأكلت وشربت معهم، وذكـرت الأنصار والمهاجـرين، فقلت: المهاجرون خير من الأنصار، فأخذ رجل أحد لحيي الرأس فضربني به، فجذع أنفي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأنـزل الله فيّ - يعني نفسه - شأن الخمر


الآية. رواه مسلم عن أبي خيثمة.



فدعى عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانا شافيا، فنـزلت الآية في النساء:


فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة ينادي لا يقربنّ الصلاة سكران، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنـزلت هذه الآية:




وكـانت تحـدث أشياء لرسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب شرب الخمر قبل تحريمها، منها قصة عليّ بن أبي طالب مع حمزة رضي الله عنهما، وهي ما أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي خالد قال: أخبرنا يوسف، عن ابن شهاب قال: أخبرني عليّ بن الحسين، أن حسين بن عليّ أخبره أن عليّ بن أبي طالب قال: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفًا من الخمس، ولما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعدت رجلا صواغًا من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذْخَر أردت أن أبيعه من الصوّاغين فأستعين به في وليمة عرسي، فبينما أنا أجمع لشارفي متاعًا من الأقتاب والغرائر والحبال وشارفاي مناختان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار، فإذا أنا بشارفي قد أجبت أسنمتهما، وبُقرت خواصرهما وأخذ من أكبادهما، فلم أملك عينيَّ حين رأيت ذلك المنظر، قلت: من فعل هذا؟ فقالوا فعله حمـزة بن عبد المطلب وهو في البيت في شرب من الأنصار غنت قينة، فقالت في غنائها:
ألا يــا حــمز للشــرف النــواء *** وهـــنَّ معقـــلات بـالفنـــاء
ضــع السـكين فـي اللبـات منهـا *** فضرجـــهن حـــمزة بالدمــاء
فــأطعم مــن شــرائحها كبـابـا *** ملهوجــة عــلى رهــج الصـلاء
فــأنت أبــا عمـــارة المرجـى *** لكشـف الضــرّ عنــا والبـــلاء
ضــع السـكين فـي اللبـات منهـا *** فضرجـــهن حـــمزة بالدمــاء
فــأطعم مــن شــرائحها كبـابـا *** ملهوجــة عــلى رهــج الصـلاء
فــأنت أبــا عمـــارة المرجـى *** لكشـف الضــرّ عنــا والبـــلاء
فوثب إلى السيف، فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما وأخذ من أكبادهما قال علي عليه السلام: فانطلقت حتى أدخل على النبيّ صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة، قال: فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لقيت، فقال: "ما لك؟" فقلت: يا رسول الله ما رأيت كاليوم عدا حمزة على ناقتيّ وجب أسنمتهما وبقر خواصرها هو ذا في بيت معه شرب، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه، ثم انطق يمشي فاتبعت أثره أنا و زيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي هو فيه، فاستأذن فأذن له، فإذا هم شرب، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صعد النظر فنظر إلى ركبته ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه ثم قال: و هل أنتم إلا عبيد أبي؟ فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل، فنكص على عقبيه القهقرى، فخرج وخرجنا، رواه البخاري عن أحمد بن صالح، وكانت هذه القصة من الأسباب الموجبة لنـزول تحريم الخمر.



الآية


أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المطوعي قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري قال: أخبرنا أبو يعلى قال: أخبرنا أبو الربيع سليمان بن داود العتكي، عن حماد، عن أنس قال: كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة، وما شرابهم إلا الفضيخ و البسر و التمر، و إذا مناد ينادي: ألا إن الخمر قـد حرّمت،قال: فحرت في سكك المدينة، فقال أبو طلحة: اخرج فأرقها، قال: فأرقتها، فقال بعضهم: قتل فلان وقتل فلان وهي في بطونهم، قـال: فأنـزل الله تعالى:


الآية. رواه مسلم، عن أبي الربيع ورواه البخاري. عن أبي نعمان، كلاهما عن حماد.



قوله تعالى:


الآية


أخبرنا الحاكم أبو عبد الرحمن الشاذْياخي قال: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبيد الله البيّع قال: أخبرنا محمد بن القاسم المؤدب قال: حدثنا محمد بن يعقوب الرازي حدثنا إدريس بن علي الرازي قال: حدثنا يحيى بن الضريس قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل حرم عليكم عبادة الأوثان وشرب الخمر والطعن في الأنساب، إلا أن الخمر لعن شاربها وعاصرها وساقيها وبائعها وآكل ثمنها"
، فقام إليه أعرابي فقال: يا رسول الله إن كنت رجلا كانت هذه تجارتي، فاعتقبت من بيع الخمر مالا فهل ينفعني ذلك المال إن عملت فيه بطاعة الله؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أنفقته في حج أو جهاد أو صدقة لم يعدل عند الله جناح بعوضة، إن الله لا يقبل إلا الطيب"، فأنـزل الله تعالى تصديقًا لقوله صلى الله عليه وسلم:







أخبرنا عمرو بن أبي عمرو المزكى قال: حدثنا محمد بن مكي قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا الفضل بن سهل قال: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا أبو جويرية عن ابن عباس قال: كان قوم يسألون النبيّ صلى الله عليه وسلم استهزاءً، فيقول الرجل: من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟ فأنـزل الله تعالى فيهم هذه الآية:






"لا ولو قلت: نعم لوجبت"،
فأنـزل الله تعالى:


قوله تعالى:


الآية


قال الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل هجر وعليهم منذر بن ساوى يدعوهم إلى الإسلام، فإن أبوا فليؤدوا الجزية، فلما أتاه الكتاب عرضه على من عنده من العرب واليهود والنصارى والصابِئين والمجوس، فأقروا بالجزية وكرهوا الإسلام، وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما العرب فلا تقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، وأما أهل الكتاب والمجوس فأقبل منهم الجزية"، فلما قرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت العرب، وأما أهل الكتاب والمجوس فأعطوا الجزية، فقال منافقوا العرب: عجبًا من محمد يزعم أن الله بعثه ليقاتل الناس كافة حتى يسلموا ولا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب، فلا نراه إلا قبل من مشركي أهل هجر ما رد على مشركي العرب، فأنـزل الله تعالى:


يعني من ضل من أهل الكتاب.



الآية


أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر الغازي قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا الحارث بن شريح قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس قال: كان تميم الداري و عديّ بن بداء يختلفان إلى مكـة، فصحبهما رجلٌ من قريش من بني سهم، فمات بأرض ليس بها أحد من المسلمين، فأوصى إليهما بتركته، فلما قدما دفعاها إلى أهله وكتما جامًا كان معه من فضة كان مخوَّصًا بالذهب فقالا لم نره فأُتي بهما إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فاستحلفهما بالله ما كتما ولا اطلعا وخلى سبيلهما؛ ثم إن الجام وجد عند قوم من أهل مكة، فقالوا: ابتعناه من تميم الداري وعدي بن بداء، فقام أولياء السهمي فأخذوا الجام وحلف رجلان منهم بالله إن هذا الجام جام صاحبنا، وشهادتنا أحقّ من شهادتهما وما اعتدينا، فنـزلت هاتان الآيتان:


الحمد لله انتهت أسباب نزول سورة المائدة
و نستكمل بإذن الله تعالى أسباب نزول سورة الأنعام.
تم نقل أسباب نزول القرآن من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
بالمدينة المنورة فما كان من النقل من صواب فمن الله وما كان من خطأ
فمن النفس والشيطان، والله ورسوله منه بريئان.
و نستكمل بإذن الله تعالى أسباب نزول سورة الأنعام.
تم نقل أسباب نزول القرآن من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
بالمدينة المنورة فما كان من النقل من صواب فمن الله وما كان من خطأ
فمن النفس والشيطان، والله ورسوله منه بريئان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق